موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية والنّقد - ج2 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
   
  موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية
  كلمة التّرحيب
  المجموعات القصصيّة
  الروايات
  الخواطر
  الاتصال
  المقالات
  => قراءات في رواية سرنديب -الجزء1
  => قراءة في رواية "سرنديب"- الجزء الثاني -
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءات في المجموعة القصصية أين جسدي
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءة في رواية "موسم التأنيث"
  => قول في التراث
  => خواطر حول الشعرالشعبي
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج1
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج2
  => خواطر حول أقصوصة أمل ج1
  => ج1 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ج2 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ملاحظات حول كتاب "الإبل"
  => على أيّ درب يكون الرحيل
  => قراءة لرواية (خدعة العصر)
  => قراءات حول مجموعة إضمامة نساء
  قرّاء وآراء
  المنتدى
  العدّاد
  مواقع ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة 2009@ بإشراف محمّد الهلالي
دراسة نقديّة للمجموعة القصصيّة
"الوطن لا يطير"
-الجزء2-  

يقول الأديب الصيني : " غاو ، شنغ ،جيان " الكاتب يعتمد على اللغة ، و امتناعه عن الكلام لفترة طويلة، أمر يشبهالإنتحار لأن متعة الكتابة توفر له التعويض و العزاء .
و إذا فلا غرابة أن تصرخالبطلة، في أقصوصة الطابق الأخير،و بيـن الدمــوع و من خلال ألم يشبه دبيب العقاربعلى الجرح المفتوح ، " لابد أن نكتب " و لسان حالها يقول : لا للصمت .
فالصمتأحيانا، يكون جريمة الجرائم، يسبب من الآسى و الحسرة ما يساوي- إن لم يتجاوز- أفعالالخبثاء و المجرمين.
يقول المناضل الأمريكي الأسود: " مارتن لوثر كنغ الإبن " وسوف يكون علينا أن نتحسر في هذا الجيل، لا بسبب كلمات الأشرار و أفعالهم المفعمةبالكره و حسب ، بل
بصمت الأخيار المفزع أيضا ، "و إذا لابد من كسر مؤامرات الصمتو رفضها لابد من ضخ النور على الزوايا المظلمة لتتضح الرؤية للجميع ...

الكتابة تعويض يقول "غاو"
أي تعويض تناله الكاتبة يا ترى من خلالأقصوصة :" رسالة لم تصل إلى صاحبها " أتراها تريد تفريجا عن مكنون غضبها ، انتقامامن رجل لم يع سموّ معاني الحب فتنّكر و خان ، لوّث كل المعاني الجميلة فيه ، و زرعالرداءة ، في كل فضاءات علاقته بامرءة من زمن البراءة ، إمراءة تبسط الدنيا لحبيبها
هكذا تذبل الأحلام و تفرخ النذالة . و تبور تجارة الزينة و أدوات الجمالالتقليدي الخالي من السموم فيعرّش الذباب على فم بائعة الحناء العجوز مغردا هجزا .
ما أردأ هذا المشهد يا إلاهي ... مشهد يندلق من هوة اليأس العميق و كأنه أنّةمعولة في نشيج أبدي أليم يحيل على القحط و الجدب و الخراب و الموت و القذارة .
"
فترى الذباب بها يغني وحده
هزجا كفعل الشارب المترنم
غردا يحك ذراعهبذراعه
فعل المكب على الزناد الأجذم" *
يوازي مشهد الرداءة هذا و يضارعهمشهد جثة الكلب المتعفنة التي تملأ الأجواء رائحة كريهة ، بأنيابه المكشرة ... هذهالمشاهد المزرية تصبح لها علاقة التقابل و التضاد ، فإذا المقرف يحيل على جميل كان . و لكنه إستحال جثة عفنة و أصبح ذكرى مؤلمة تركت في النفس شروخا و في الروح عطوبكما هو الغدر و كما هي الخيانة دائما .
"
حين رأيت الذباب يتكدس على فم هذهالعجوز ، أعدت النظر في موضوع حبنا ..."
يا لها من فضاعة أن تنفتح الأقصوصة فيبدايتها على هذا المشهد المقرف الحزين ! لشد ما يذكرني بقولة ل ( بريخت ) : " أيدرك من السفالة لا ننحدر إليه لكي نقضي على السفالة ! " و قولة للجاحظ " بكء الجرحبالجرح أوجع!...
"
الطيور على أمثالها تقع . مازال المثل مجسّدا للواقع و مازالتالكاتبة مصرة على إيصال رسالتها . فالرجل صديق الحبيب أو الزوج من نفس طينته أيضا . ثري متعفن ومنافق
"
هذا من فضل ربي "
قولة حق أفرغت من براءتها، كثيرا مارفعها المتسترون بالدين شــعارا للتقـوى، و مسوحا للصلاح يخدعون بها بسطاء العقول. هكذا تدمغ الكاتبة هذا الصنف من الناس بالحقيقة المرة فتفضح رياءهم . و هكذا تكونالرسالة قد وصلت في النهاية إلى أصحابــها. و انتقمت الكاتبة بطريقتها و نجحت فياقناعنا برداءة هذه الشريحة من المجتمع ...
وصلت الرسالة إلى صاحبها ، و إليناأيضا وصلت رسائل ، نحن أبناء هذا الزمان !
حين تحيل صورة غاية في القذارة علىأجمل ما في الحياة من عواطف ، حين يتجمد النهر و يصير ماؤه غورا و لا يبقى من رموزالجمال و الشاعرية التي تختزلها الأنهارعادة ، غير أكدار متجمدة و جثث عفنة، فماأفدح خساراتنا و فجائعنا بضياع الجميل و ما أشد حسرتنا !
ألا سبيل إلى نسيان،يريحنا ، نتجاوز به الإساءات ، و التهميش و إخلاف المواعيد ، و التنكر للعشرة وخيانة الوعود ؟...
ألا يكون من الأيسر و الأسلم لنا أن نصفح عن إساءاتالآخرين... الصفح بلا نسيان عذاب ... و لأن ننسى خير من أن نصفح بالتأكيد .
وهكذا يصبح النسيان مطلبا و بلسما غير أن " ذاكرة النسيان " لا تموت... و لا تتيحلنا حتى هذا العزاء الصغير !
هكذا تحيل صورة الكلب يحتضن صاحبه القديم و صورتهو هو يتأمل الصياد الفاشل " حمدان " ويعجب بصدقه وإيثاره الحقيقة على ما عداها منأكاذيب على مواقف الكثير منّا هذه الأيام .
"
أنت رجل يا حمدان..."
حكم أصدرهالكلب على صاحبه في زمن غابت فيه الحقائق و عزّ فيه صدق الرجال.
صورتان فيهمامن البساطة و الصدق ما يحبل النفس بكل سام و جميل. جمـال ظاهر نراه ، و جمال آخر،أشدّ روعة ينشأ في العمق من جوانحنا ، هو جمال الصــدق و الإخـلاص و الوفاء لأحباباقتسمنا معهم حلو الحياة و مرها ...
لا ينبغي أن ينسينا ما في المشهدين منجمال، ما تقوله الصورة تلميحا لا تصريحاما يتضمنه وجهها الآخر النقيظ من معاني : التنكر للأحباب ، خيانة العهد ، التشفي عند الهزيمة أو نزول المصائب .
إن صورةالكلب وهو يقعي لاهثا حزينا يرمق صاحبه الصيّاد راثيا لحاله مشفقا عليه من هزيمته،لهي صورة تفيظ إنسانية و وفاء و تآزرا يندر وجوده بين كثيرا من أبناء البشر . تلكالمعاني تتفاعل في نفس البطل و تعمق إحساسه بالمرارة و تدفعه إلى طـلب النســيان ويصير حديث الأقصوصة حديث كوابيس جعلت النسيان مطلبا ملحا ...
"
مازلت أحب المطرلأنه لا يكذب" .
هكذا يصرح البطل و يحيله المشهد في أول الأمر على مطر آخر يعيشفي الذاكرة، حيث يصير لرائحة الثرى نكهة الخلق الأولى ، فتكون أول خيباته حين يكتشفإن هذا المطر لا رائحة له، و ليس كمطر معمورة . ذاك الذي يستقبل بالأفراح والتهاليل . و تبدأ محاولة النسيان من جديد. نسيان كل شيء: الناس و الأشياء والحيوان و كل ما له صلة بالماضـي، و ما أصعب ذلك ! ...
فهاهو في الوقت الذييحاول أن ينسى كل شيء ، تنثال عليه الذكريات في تسلسل عجيب ، فإذا كلام الآخرين ، ومواقفهم و إساءاتهم و وعودهم الكاذبة ،حاضرة متوهجة طازجة كأنها حدثت للتوّ ! و إذاهذه الذكريات تؤزم علاقته بالآخرين حواليه، فيفضل أن يبقى نكرة لا يألف و لايصادقأحدا حتى لا يغدر من جديد .
"
حذرت الألفة ، لا ينبغي أن أكرر أخطاء الماضي ..."
و " سلطانة "، ماهي سلطانة؟ أتراها رمزا لعاداتنا و تقاليدنا. موروثنا الحضـاريالضارب في أنفاق الزمن، الراسخ في نفوسنا رسوخ الجبال ، تلك المسلمات التي تجدل فيالخفاء هويتنا التي لا يمكن اجتثاثها . هذه الشجرة العجيبة التي تتحدى العواصف والأعاصير مهما اشتدت و تنتصب شامخة متعالية و ينحسر مهزوما عنها ماء الفيضان ." تنتصب أقــوى ، و أكثر نظارة بعد انحسار المياه " من أين اكتسبت هذه القدسية ، كيفاستحالت رمزا لا يمكن أن يمس أو يهان...
أمام تحذيرات الأم الصّارمة، يتحايلالبطل فيختلس بذورا ،يحـاول أن يغـــرس في ديار الغربة سلطانة أخرى !..هل نجح فيذلك؟
الرموز الكبيرة لا تغادر أماكنها أبدا...والأوطان لا تستنسخ ولا تهاجر. الوطن لاينقل ولا يغترب ، نحن من يهاجر ويغترب ، وللوطن وحده ، مهما طالت غربتنا ،و مهما قسا علينا أحيانا حتما نعود فنجد تلك الأشياء الرائعة : الأمان و الأحباب والنسـيم و المطـر و رائحة الثرى و الأرغفة الساخنة و أحضان الحبيبة و حنان الأمهات ... و يصير الوطن كله سانفونية فرح راقصة ، يتردد عبرها صوت الأطفال :
"
لا ظلماليوم و لا سجّان
أكلنا الحلوى
وهدمنا السجن
و لك يا قمرالدنيا
زهيرات الريحان"
الخيبات و الإنكسارات الآليمة يبدو أنها قدر " حمدان " خلال بحثه عن مرتكــزات لذاتـه وافتكاك مكان تحت الشمس ...
"
أما عن الهزائمفي حياتي فهي عديدة بحيث لا أستطيع أن أحصيها "
فلا هو إستطاع النسيان و لاالأمنيات إنقادت إليه ، فهاهي الحبيبة التي طالما كانت له حلما جميلا وترصدها فيالمحطات و الموانئ و المطارات تفر بين يديه في نفس اللحظة التي كان يظن أنها قريبةمنه جدا تذوب في لمح البصر كما تذوب أحلام اليقظة و يقرر مرة آخرى نسيان كل شيء .
"
قررت نسيان كل شيء ، معمورة و سلطانة و ذاكرة الكلاب ، حتى أعيش دون رعب أوكوابيس "
و هكذا يغادرنا بطل القصة و لسان حاله يردد :
"
أين الهروب منخوازيق الذكرى و ثعابين أخطاء الماضي، التي لا ترحم و لا تنام ، ألا سبيل لفقدانالذاكرة فقدانا أبديا غير الإنتحار . هل من سبيل إلى إجتثاث الماضي بكل أحداثه؟"
هكذا تبقى" ذاكرة النسيان" و هي أطول نصوص المجموعة حديث النسيان يطلب فلايدرك...

تكاد تلامس هذه القصة في بعض جوانبها قصة لغادة السّمّان فيمجموعتها " رحيل المرافئ القديمة" بعنوان " الدانوب الرمادي " 2 فكلا بطلي القصتينحزين مكسور الأحلام، منهزم يكاد يصل به الأمر إلى حد الإنسحاق ، هارب من واقعه،باحث عن الغيبة بأي ثمن، فلا النسيان يدرك و لا العذاب يزول!
وتبقى القصتانكلاهما حكاية الخسارات و الهزائم و يبقى الاختلاف بينهـما ظاهر في المنطلقات واللغة و الأسلوب و هندسة البناء . و تبقى قصتنا ( ذاكرة النسيان ) في رؤآها وأطروحاتها منسجمة مع أغلب إخواتها في المجموعة مشكلة تلك اللوحة القاتمة التي يشيعفيها كثير من السواد و يجللّها قدر غير يسير من الحزن العميق، يطال حتى لحظاتالحبّ، حيث نلمح بوادر فرح تشيء به في بوح خجول أقصوصة حب في الصحراء !
جميلةهذه القصة و رائعة، أليفة و إنسانية ، مشاكسة و متسامحة حنون ، رومانسية حالمة وشاعرية صوفية فيها وهج االعواطف دافئ مؤنس يسري في نبض القلب و في همس الكلمات . تآلفت فيها الرؤى و الأحلام، تعاطفت فيها الأشياء و تحاضنت ، تناغم فيها حب صارخراقص مع هيام مكبوت ضارب في أعماق النفس لاحقته خيـبات الماضـي و مآسيه و أسدلتعليه أستارا كثيفة حدت من اندفاعه و عفويته فاستحال لهيبا في العمـق يعتــمل فيجنبات النفس و يحتدم، و أصبح شبيها بحالة وجد صوفيّ محرقا جارفا و لكنه مكبوت ممنوعمن الانطلاق و الظهور .
صخب الحب ، البهجة الدافئة بقرب الحبيب ، إشتهاء العناقو القبلات ، الإحساس بدفء اللحظات الحميمة، شعورنا المبهج بأننا قرب من نحب ، وبأنه يحنو علينا و يمنحنا الدفء و يسدل علينا برنس المحبة ،

كل ذلك و أن ظهربعضه إلا أنه مقـام في العمــق من هندسة القصة ، و إذا هذه الأقصوصة لوحة رائعةتلامس ريشة مبدعتها أخفى خفـايا نفوسنا و تنكئ عن قصد أو غير قصد أشد جراحتنا عمقا .
"
مخطئة أنت . جئت لأفكر بهدوء . دون أن أترك قلبي هناك ، إنني أحمل ذاكرتي وواقعي و وطني أينما ذهبت ."
هكذا تقول الكاتبة و هكذا تهجم هموم الواقع اليوميفي الوطن الكبير فتفسد كل شيء.
تغتال كل فرح و تصادر كل جميل.
ويل للسجيّ منالخلي.
"
آن " شابة شقراء طروب خالية البال أغراها جمال الصحراء و سحرها، و نارالمخيم و حضور الرجال أغراها كل ذلك بالرقص تعبيرا عن فرحتها فاجتـماع هذه الأشياءفي الصحراء بصمتها و هدوءها و اتساعها يضفي زخما هائلا من الفرح و البهجة يغــري ولا شك شابة مثل "آن" بأن ترقص و تعبر عن فرحتها و تمارس ميلها الطبيعي كأنثى إلى أنتكون جميلة و رشيقة لكي تستأثر باهتمام الرجال.هذا ما تقوله بغمزة عينها، إباّنفرحتــها، و توهج أنوثتها، و لكن بطلة القصة لا تستجيب لها ،عندما تدعوها لمشاركتهاالرقـــص! و تصرح بأنها ليست سعيدة ، و لا تستطيع أن ترقص على الجمر ! و يتوهج منجديد جمر الواقع الذي تستبد بها شجونه و يؤزم علاقتها بكل جميل، و يستحيل حقا، نارافي كل مكان كما ألمعنا إلى ذلك في بدء حديثنا هذا.
"
غطاء واحد يجمعنا. وحدهالحب يفرقنا ! ..."
ما أتعسنا حين نكون بجانب من نحب و نعي جيدا أن هوة سحيقةتفـصـل بينــنا،و أن الوصال محال ، و إن الحسرة وحدها هي الحصاد ...يا لفداحةخسارتنا حينئذ.
ربما ندرك في وضوح أكثر، معنى الخسارة، عندما نقرأ في تأمل،قولالكاتبة:
"
مرافق غير عادي، لأني شعرت أن كل شيء فيّ، منذ إلتقيته، غير عادي ... هادئ الملامح ، قليل الضحك ، إبتسامته تزهر كوطن جميل ، يلوح في الظلام ، صمتهقصائد وافدة من الزمن الجميل ، وجهه كالمطر . "
طازج هذا الوصف وصادق نابضبالحياة، جياش بالمشاعر ، دافق بالتوله والمحبة ...نضّاح بالعشق والهيام!
فماأفدح خسارة مثل هذا الحبيب الذي "كسر الزمن اليابس حولها وغير ترتيب الأشياءبداخلها (3 )..." وإذا هو يحيل على كل جميل ، فارس أحلام فيه كثير من الرجولةوالشهامة والإخلاص والنبل، تلك الصفات التي تخلعها الأنثى دائما على من تحب والتيبدأت تتآكل في هذا الزمان الردئ تلك التي تجعلها أمة لفارسها، ولكنها أميرة متوجةفي مملكة الحب في ذلك الزمن الجميل ...!
"
وجهه كالمطر " تقول الكاتبة. كان المطردائما رمز الخير والطهارة مبشرا بالخصب والنماء والربيع..."
لا أدري لماذا أحسوجعا مؤلما ينشأ في نفسي عند قراءة هذه الأقصوصة يستبد بي حتى أكاد أتنكّر لماحولي!و إذا بي أمارس عادة يختص بها الأطفال وحدهم: أتمنى أن ألتقي هذه المراةالخارجة عن مدينة " فاطمة للإبداع " و العائدة إليها باستمرار، تطل من إحدى شرفاتقصرها فإذا حاولت محاورتها لمعرفة سرّ آساها العميق، انسحـبت إلى الداخـــل و أسدلتستائرها و تركتني على الساحل أتحسس أوجاعي،و المدّ يطويني حينا و ينـشرني . و يضطرمالإصرار في نفسي على معرفة الخفي من أمرها.
"
رجل أعلن حبه لي أمام الصحراء... !
"
كيف أعلنه ؟ بأي طريقة ، كيف أغرته ليعلن هذا الحب، كيف استجابت للحب ...
ألستم معي في أنه ثمة حوار طويل جميل، شاعري المناجات، جرى في أنفاق النفس،بعيدا فيها حيث تنشأ ( - لا أدري كيف -) عواطف الحب و الميل و الانجذاب، و إذاالمعلن من هذا الحب ماهو إلانزر قليل ضغطت الكاتبة بشدة و إصرار على أن لا تظهر إلاصفحات قليلة، من مدونة حب كبير، اعتمل بضراوة، في أعماق نفس حساسة مرهفة حدّالذهول!
"
رأيته في الامتداد الصحراوي، رأيته في الأفق و في أشعة الشمس شاسعاكالدنيا."


- "
افترقنا، ودعته وداعا أنيقا، يليق بحالة حب لا ينتهي "
- "
افترقت عن رجل لم يصحبني في هذه الرحلة إلى الصحراء "

هكذا ينتهيالنص، و هكذا تبدأ قصة أخرى عنوانها الحيرة و التساؤل، ولعل أبسط هذه الأسئلة:
إلى أين صحب الرجل حبيبته إذا لم يكن إلى الصحراء ؟... لو قلت إلى الجنة،لصدتني همسة الشعر الحزينة في كلماتها عن ذلك . فإلى أي دنى، و إلى أي مدن عجـيبةسافـرت،و أي أدغال و أي أنفاقه ينبغي السير فيها علنا نهتدي إلى هذا المكان؟
عبثا نحاول ذلك فدواخل نفوسنا تظل دائما أصقاعا شاسعة مجهولة !
هكذا منوجع إلى وجع، تدفعنا امرأة لا تغسل وجهها في حضرة الصحراء، لأنـها لا تريد أن تكذب! و هكذا تبقى الكاتبة " تفضل أحيانا أن يساء فهمها! في مراوغة من أجمل مراوغاتالنساء امرأة تعي جيّدا هموم وطنها و تعي جيّدا إلى جانب ذلك ما معنى كونهاأنثى.


تتقاطع هذه القصة مع قصة أخرى بعنوان كرم الصحراء بمجموعة " كتابات على أجنحة النوارس "4 حيث تدور الأحداث بكلا القصتين في الصحراء و ثمة امرأةاسمها ( آن ) و ثمة رجال ، و نوم على الرمل و ثمة رقص و عشق مكبوت يتطور إلى حبّ ومعاشرة ، ثم ينتهي بكارثة ! حيث يغتال البطل و تبقى البطلة وحيدة تجتر أحزانها فيعذاب !
من الواجب أن أؤكد أن أي ادعاء بالتشابه أو التطابق بين القصتين، بعيـدجــدا عن الصواب... و لغاية فتح النصوص على بعضها مهما اختلفت عمدنا إلى ذكر هذارغبة في الإثراء، ويبقى التأكيد على خصوصية النص الذي بين أيدينا و فرادته واجب تمليه الأمانة...
 

انطباع 

 


هذه سياحة في أعماقنا ومس لجراحات غائرة في ذواتنا سعدنا و حزنا فيها بمرافقة هذه النورسة (المجموعة ) المهاجرة حينا العائدة أحيانا أحسسنا خفق قلوبنا في بعض رفيف أجنحتها و ترحالها بين ربوع وطننا الكبير حاولنا أثنائها تسمّع لغاها قصد التعرف على بعض مراميها. كانت فيها مضيفتنا و دليلتنا بين كثبان الصحاري بدفئها و صفائها و المدن بمطاراتها و موانيها و إزدحاماتها أوقفتنا في أحيان كثيرة أمام مرايا من صنعها حيث لمحنا واقع همومنا و آلامنا.
و لقد قدمنا بين أيدينا إحتراما لها إضمامة شعر أردنا أن تشيء بفهمنا لبعض نصوصها تلميحا لا تصريحا لعلمنا بولوع المبدعة بالشعر تعمد أحيانا إلى تقديــــــمه في أول نصوصها إنارة للوحاتها تساعد القارئ على إستجلاء مراميها التي كثيرا ما جعلها إعتماد الغريب و العجائبي عسيرة الإدراك ، عصية على التأويل و لقد كانت رفيقة بنا متاسمحة معنا فبالرغم من همومها ( همومنا ) الكثيرة أبت إلا أن تودعنا على لحن البراءة و الأمل يردده الأطفال في إبتهاج:
لا ظلم اليوم و لا سجان
أكلنا الحلوى
و هدمنا السجن
و لك يا قمر الدنيا
زهيرات الريحان .
 
 


سالم دمدوم
بنقردان في 27/08/2005

-----------------------------------------------
*شاعرقديم
2- رحيل المرافئ القديمة ص7
منشورات غادة السمان بيروت
3- الشاعرةسعادة الصباح من قصيدة أعرف رجلا
أخبار الأدب ص 16 العدد 556 مارس 2004
4 – كتابات على أجنحة النوارس دار قرطاج 2003 ص 105
المؤلف سالمدمدوم
زار الصّفحة اليوم (زائر) 2 visiteurs
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement