موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية والنّقد - ج1 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
   
  موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية
  كلمة التّرحيب
  المجموعات القصصيّة
  الروايات
  الخواطر
  الاتصال
  المقالات
  => قراءات في رواية سرنديب -الجزء1
  => قراءة في رواية "سرنديب"- الجزء الثاني -
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءات في المجموعة القصصية أين جسدي
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءة في رواية "موسم التأنيث"
  => قول في التراث
  => خواطر حول الشعرالشعبي
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج1
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج2
  => خواطر حول أقصوصة أمل ج1
  => ج1 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ج2 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ملاحظات حول كتاب "الإبل"
  => على أيّ درب يكون الرحيل
  => قراءة لرواية (خدعة العصر)
  => قراءات حول مجموعة إضمامة نساء
  قرّاء وآراء
  المنتدى
  العدّاد
  مواقع ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة 2009@ بإشراف محمّد الهلالي
دراسة نقديّة للمجموعة القصصيّة
"الوطن لا يطير"
-الجزء1- 
 


 "الوطن لا يطير "
مجموعة قصصية لفاطمةالزياني
من بعيد

...
لينتثر فتات لحمنا
على جناح عيشنا الغريب
ولنقترب في قفار العمر و السهوب
و لننكسر في كل يوم مرتين
فمرة حين نقابلالضياء
و مرة حين تذوب الشمس في الغروب.
-
صلاح عبد الصبور- أحلام الفارسالقديم ]
نحن و الزمن
مشغولون بالأيام، و الأيام تنطر مرارة، يتأملـونالزمــن و الزمن شديد الرداءة، يتعاملون مع الواقع ، و الواقع العربي نار تتأجج! نار على شاشات التلفزيون، و في نشارات الأخبار وفي أعمدة الصحف، و على مواقعالإنترنات أيضا، و في ضمائر أغلب أبطال هذه القصص في مجموعة الوطن لا يطير... نــارتضــطـرم في أحشائهم و تدفعهم إلى الاحتجاج على هذا الزمن العقيم بكل الطرق والأساليب.
و إذا الكاتبة امرأة تعي جيدا إنكسارات زمانها، مسكونة بالوجع القومي،ترسم بالكلمات مشاهد أليمة قاسية، تفجر في لوحاتها لهبا، و تقذف أقذع الشتائم، فيوجه زمن حزين، شديــد القتامـة و الشحوب. يجعلنا
ننكسر كل يوم مرتين
مرة حيننقابل الضياء
و مرة حين تذوب الشمس في الغروب.
مقاتلة عنود، الإصرار سمتها وحب الوطــن هاجســها، و الكلمة سلاحها.
تستميت في التشبث بها، تتخذها دعامة ومرتكزا ضد السقوط ، لتظل واقفة متحدية ، تصارع الإعصار في إصرار، تحلم بغــد مشـرقو خلاص قريب .
يحيلني وضعها هذا على قولة للأديب الراحل " عبد الرحمان منيف " يقول فيها:
"
مشكلتي، دون كلمات كبيرة: إن الألم يعتصر قلبي، ليس هذا جديدابالنسبة للحياة التي أعيشها، و لكن الأمر في لحظات معينة، يبلغ حدا لا أستطيعاحتماله! و مدام الأمر هكذا فالكلمات في أغلب الأحيان وسيلة لإنقاذي ."
و هكذاهم الأدباء و الفنانون، يبدعون الفن لكي لايموتوا بسبب الواقع كما يقول نيتشه. هذاهو الواقع، و تلك هــي عذاباته و همومه. يجعلنا أحيانا بين خيارين بائسين " فإذا لمنبك من الغيظ فإننا سنتقيّأ من التقزز " .
تقول يمنى العيد في كتابها " الكتابةتحول في تحول ":
"
نكتب لنبتدع جسدا إشاريا، تتجدد فيه الحياة فتدوم "
وهكذا الكاتب يأسر الزمن، و يخلد الحدث، حتى يبقى حاضرا متوهجا، لا يناله النسيان،شاهدا على عصره، حجــة لـه أو عليه. و يبقى الواقع دائما مناط أفكـار المبــدع، ومصدر إلهام لا ينضب له معين، بمآسيه و أفراحه، بانتصاراتــه و انكسـارا ته. و الذينيكتفون بهزّ أكتافهم عندما تحدثهم عن الواقع من حولهم، إشارة إلى أن ذلك لا يعنيهم،و لا يهتمون إلاّ بأشيائهم الخاصــة، هم و لا شك أناس تافهون، والأبراج العاجية لمتعد تصلح مكانا للاختباء فوسائل الاتصال لم تترك لنا زاوية واحدة نلتجيء إليها. تلاحقنا باستــمرار، حتى في مخادعنا الخاصة، تغرق في الجليد دفء لحظاتنا الحميمة،حواجز كثيرة في عالمنا انهارت اليوم وصارت أثرا بعد عين، وأصبح ما يقع في أي مكانمهما كان قصيا، يصل إلينا بسرعة خرافية، نتأثر به شديد التأثر، سلــبا و إيجابـا. وصرنا نعي أكثر إنّ علاقتنا بهذا العالم، شديدة التشابك، فهو ملك لنا جميعا، لسناطفيليين فيه، و كل إنخرام في مكان ما منه، سوف يصيبنا حتما لضاه.فكيف نتصور أنالآخر لا يعنينا.وأفعاله لا تهمنا ؟
هذه الخواطر تزاحمت في ذهني،وأنا أتصفحلأول مرة مجموعة الأديبة الشابة "فاطمة الزياني" الموسومة بـ –"الوطن لايطير "-الصادرة عن دار علاء الدين في سبتمبر 2004 دفعتني هذه الخواطر إلى قراءتها قراءةجديدة متمثلا بقولة " سانت بيف " الناقد الفرنسي القديم: " النقد هو أن تعرف كيفتقرأ نصا، قراءة جيّدة، بدون أن تتوقف لحظة، عن مواصلة تذوقه ولاستمتاع به ". وكانتغايتي إستمتاعا لا نقدا ...
حينما عمدت إلى ذلك، كانت المرارة طعما غالبا في جلالنصوص، و القتام غشاء يجلل أغلب اللوحات التي ترسمها الكاتبة.
الموت يتوالد عنالموت، و الجثث تتناسل من الجثث، و الجرح مفتوح للفرجة ،و الصمت رهيب، و الغيابسيّد الموقف، و اللوحة لا يشيع فيها غير السواد. موضوع الرسم سكين لاغير و الرسّامةدميمة غريبة المنظر، تسبح عيناها الرصاصيتان، في ماء حاقد متجمد عجيب، بها شبقمفضوح، سادية النزعة، عدوانية الطباع، تنكب على رسم لوحة قاتمة بها سكين و لا شيءغيره ! و كأنما هي تنظر لعالم آخر، هل هي مبدعة لوحة العولمة ؟ هذه التي تحاولإبداع شرق أوسط جديد تقيمه بقوة السلاح ؟!
الرجل لا يجد إلا الصدّ و الإحباط ،الروائح كريهة، والرغبة في الكلام شديدة ولا من محاور و لا سامع ! عذاب يحسه البطلويتألم به ولا يجد من يهتم به.لا الأصدقاء ولا العشيقة، ولا صاحب المقهى، ولاالجماهير في الملاعب، كلهم صامت متواطئ لا مبال، أصواتهم غائبة، و فعلهم منعدم، ولااعتبار لهم، و لا لمواقفهم، تخلّوا عن المجابهة وركنوا إلى القعود و العجز فتناساهمالتاريخ ومرّ.
وحده بطل القصة يصنع الإستثناء، مبشرا بأمل ما ... إذ يتخلص منسلبيته و يبادر بالفعل ، ينقذ الطائر من الموت و يحمل قطعة اللحم النازفة و يتجهبها أخيرا نحو تلك الرسامة، تلك التي تتأمل صورة سكينها المكتملة بوله مشبوه !... فيذيقها رعـبا هي الأخرى و لو مرة واحدة في حياتها. قد ينقلب السحر على الساحرأحيانا!
هكذا ينفتح الغرائبي على المأساوي، و هكذا تصير اللوحة شديدة القتامة، وفيها اكتناف للذّات أليم، ذات المبدعة التي تعي جيّدا ، ما في عالمنا من رداءة تصلإلى حدّ الغثيان. فتجــعل الغرائبي و اللامعقول وسيلة للتعبير عن واقع مأساوي فـاقكـل عجــيب و غريب .
يتخايل لي أحيانا ، طيف امرأة ما أشبهه بصاحبة المجموعة (هاته التي لم أسعد حتى الآن بالتعرف عليها شخصيا ). صورة تلك المرأة المناضلة التيقررت في لحــظة ضعف، أن تتخلى عن النزال و مصارعة الرداءة، فإذا هي توطن نفسها علىالرضا بدور المرأة المتخاذلة المتخلية فعمدت إلى أدوات زينتها و هيأة نفسها و ذهبتإليه . إلى موعـد غـرام، و شيء ما لعله بوادر اليأس يهمس لها : " كفاك تصديّا وصداما ، ماذا جنـيت من الكلمات و الأحلام الكبيرة ..." ثم تكاد تعلن عجزها أثناءقمة اليأس " لا طاقة لي بالوقوف وحدي، وسط رعب شامل ".
هكذا نحن في لحظاتاليأس، نلجأ إلى تبرير انهزاميتنا، و نكوسـنا عن أحلامــنا، و تزيين انكساراتنا، ونمني النفس بلحظات سعادة موهومة، و بأحلام متوهجة الفرحة لا وجود لها إلا فيأوهامنا، غير أن بطلتنا لحسن الحظ لا لسوءه، لا يتوفر لها حتى الهروب . و لا تعيشأحلامها طويلا، تعكر صفوها ، و لحظات سعادتها الحالمة ، كوابيس الواقع الأليم ،الذي يترصدها في كل مكان ، و إذا صورة الطفل الصغير ، يصارع في اباء و صمود ،لافتكاك رغيفه بين أنياب كلب سائب ، و لا سلاح له غير البكاء ، ترجها رجّا، فتتماسكو تقلع عن الهروب و الخذلان و تعود لليقظة ... و قبل أن يخمد لظا هذا المشهد المؤلمفي نفسها ، تهاجمها صورة أشد رعبا ، صورة طفل مزّقه الرصاص( بين أحضان أبيه ) ،فتلقي ببقية أدوات الزينة و تقرر التصدي مرة أخرى، و تعود إلى الكلمة من جديد ،تشهـرها سـلاحا في وجه الرداءة . و إذا الكلمة حوافّ أقداح مكسورة،تجرح و تدمي، وتؤلم كما هي لدى أمل نقل و لدى أحمد فؤاد نجم أيضا :
"
مرّ الكلام
زيّالحسام
يقطع مكان ما يمر" 1
عندما يصطبغ المكان من حولها بالأحمر القاني،يتضح المشهد بكل رعبه و ضراوته فتقرر بعد عذاب: أن لا وقت للحب ، و جبان من تخلى عنالصراع . و تصرخ أخيرا:
لابد لي أن أكتب ؟
و هكذا تبقى الكتابة متراسايقاتل منه المبدعون، تلك مهمتهم التي لا يستطيعون التخلي عنها و قد لا يجيدونغيرها.
يحكى أن بيتهوفن كان معجبا بنابليون بو نابرت شديد الإعجاب، لكنه لم يقدمطلبا للانضمام إلى الحرب معه ، بل عكف في بيته يمارس مهمته الحقيقية، التي أهلتهلها الطبيعة، وهي العطاء الفني فكتب واحدة من أجمل سانفونياته ، و هي الثالثة ، وأهداها لنابليون بونبارت ، ثم حرمه منها عندما تحول في نظره من بطل للشعب إلى عدوّللشعب ...






---------------------

-
مرالكلام ديمتر تونس 1983
أحمد فؤاد نجم
زار الصّفحة اليوم (زائر) 2 visiteurs
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement