موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية والنّقد - غدا تخلع الشمس بردتها ج1
   
  موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية
  كلمة التّرحيب
  المجموعات القصصيّة
  الروايات
  الخواطر
  الاتصال
  المقالات
  => قراءات في رواية سرنديب -الجزء1
  => قراءة في رواية "سرنديب"- الجزء الثاني -
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءات في المجموعة القصصية أين جسدي
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءة في رواية "موسم التأنيث"
  => قول في التراث
  => خواطر حول الشعرالشعبي
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج1
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج2
  => خواطر حول أقصوصة أمل ج1
  => ج1 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ج2 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ملاحظات حول كتاب "الإبل"
  => على أيّ درب يكون الرحيل
  => قراءة لرواية (خدعة العصر)
  => قراءات حول مجموعة إضمامة نساء
  قرّاء وآراء
  المنتدى
  العدّاد
  مواقع ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة 2009@ بإشراف محمّد الهلالي

 

غدا تخلع الشمس بردتها
ديوان شعر للمبروك السياري
-       الجزء الأوّل –



أريد أن استهل هذا الحديث بمقولتين وحكاية .المقولة الأولى لمحجوب بن ميلاد وهو يكتب قراءة عنمسرحية السد لمحمود المسعدي يقول فيها : "...فلأدفع إذا بعيدا عني جميع تلك الطرقالمألوفة ،ولأحاول تجريد قلمي من الألف والعادة حسب تعبير المعتزلة ولأطلق العنانلفكري وعواطفي لا قيد يقيدها ولا مراعاة للصداقة تردعها ! رائدي الوحيد أن أقول ماأراه الحق والصواب وأن أعبر عن بعض ما تضطرب به نفسي من شتى الخواطر والآراء عندقراءة السد . 1"
أما المقولة الثانية فهي لسيد قطب رحمه الله استهل بها مقالانقديا تناول فيه قصة "كفاح طيبة" لنجيب محفوظ يقول فيها : "أحاول أن أتحفظ فيالثناء على هذه القصة فتغلبني حماسة ظاهرة لها وفرح جارف بها ! هذا هو الحق ،أطالعبه القارئ من أول سطر ،لأستعين بكشفه على رد الحماسة والعود إلى هدوء الناقد المتزن 2 ."أما الحكاية فهي قديمة تعرفونها جميعا أريد أن أشير إليها إشارة سريعة علهاتشرح لكم حالي وأنا أحاول قراءة هذا الديوان الصغير "غدا تخلع الشمس بردتها "!
دعوني إذا أتريث قليلا لعلي أجيد تمثيل طقوس الحكي حين نسيت طقوس الشعر . أراد الغراب تقليد مشي الحمام فلم يستطع ولكنه أضاع طريقة مشيه أيضا!
هذاباختصار شديد ملخص الأسطورة وهو ما وقع لي .حاولت كتابة شعر على هذا الشعر ففشلت! رجعت استجدي النثر فأنكرني النثر فلا تستغربوا من كلماتي إن هي ماتت على شفتي أوانزاحت عن مراميها وتأرجحت بين شتى الدلالات ! فرحت أخطب ود العبارة كالقروياتيخطبن ود السنونؤ بحناء ملء اليدين كما يقول المبروك السياري في قصيدة انتفاضةالهباء 3
هنا أريد أن أفتح قوسا صغيرا لأذكر عادة جميلة كانت تمارسها جداتنافيها الشعر بلا قافية ولا كلمات ، فيها دهشة السحر وسحر الخرافة يتضوع منها عطرالجدات وخزاماه الشهية فقد كان من عاداتهن إذا ما دخلت سنونؤة بيت إحداهن واستطعنالإمساك بها أن يمارسن معها بعض الطقوس التي يخصصنها للعذراء عند زفافها حيث يعمدنإلى دهن رأسها وجناحيها وساقيها بالزيت والحناء والعنبر ثم يطلقن سراحها لتمارسفرحها على هواها يزففنها للهواء تغمد فيه جناحيها المعطرين ! فهل يا ترى هذه العادةهي التي أوحت للشاعر بهذه الصورة الشعرية الرائعة ؟
أراكم تقولون لقد استعجلالرجل أمره فامتدت يده إلى الفاكهة ولما تكتمل بعد أطباق المأدبة على الخوان !..
نترك الآن هذه العادة الجميلة عند جداتنا والتي عمدنا إليها مسرعين نريد أننشير منذ البداية إلى إن الشاعر أظهر قدرة فائقة وولعا بتوليد الأفكار والصورالشعرية من الموروث الثقافي لموطنه إلى جانب الموروث الثقافي العالمي . ونعود إلىهذه القصائد الجادة والتي أخذت في حسابها احترام القارئ واحترام نفسها عن طريقالوقوف الطويل في محراب الإبداع حتى تكون آخذة حضها كاملا لغة ومعني وأفكارا فإذاهي عند التأمل عرائس أبكارا تستحم بالضوء وتغتسل بالعبير وإذا مراميها وأفكارهاتظهر ثم تختفي كظلال الغيوم تغازل الشمس تنازعها بردتها حينا وتختفي أحيانا تحتعباءات الصوفية الكبار من أمثال رابعة العدوية والنفري والحلاج الشهاوي ، أولئكالذين أوغلوا في فلوات التأمل الروحي والعشق الصوفي ثم عادوا وقد صرخوا صرخةالظافرين رقصوا في ساحات الإبداع بسيف الكلمات ولا رقصة الغلالات السبع التي رقصتها (سالومي ) 4 للملك الروماني (هيرودوت ) تحرضه على قطع رأس حبيبها (يوحنا المعمدان) ! ...
غدا تخلع الشمس بردتها
هكذا يسم المبروك السياري مجموعته الأولى ! ثمةكثير من الأمل والتفاؤل والطموح والجسارة تختزنه هذه التسمية . هو متفائل مؤمنبالمستقبل عاشق للشمس والنجوم يمد يده للشمس فلا يخشى الوهج ولا يخاف الاحتراق ويظلبلطف يسحب الغلالة شيئا فشيئا بتأن وإصرار وكأنه نحات محترف يسحب الغطاء رويدارويدا ليكشف للناظرين عن منحوتته الجديدة ،وقد اكتملت قبل حين تمثالا رائع الجمالنابضا بالحياة! ثمة مع التفاؤل والطموح والإيمان بالمستقبل شيء من الحزن الشفيفتتنفسه بعض المقاطع في هذه القصائد يجعلنا نتساءل من أين جاء هذا الحزن لهذا الشاعرالشاب ؟ كيف تسربت هذه الرنة الحزينة إلى هذه القصائد الجسورة المكافحة في سبيلقضاياها !ونعمم الظاهرة فنسأل : علام الدمع يفترع القوافي لدى كثير من الشعراء ؟ .نترك الإجابة للشعراء أنفسهم فنجد صلاح عبد الصبور يقول:
تظل حقيقة في القلبتوجعه وتضنيه
ولو جفت بحار القول لم يبحر بها خاطر
ولم ينشر شراع الظن فوقمياهها ملاَح ! 5
وتجيب الشاعرة الليبية بدرية الأشهب قائلة:
تسأل علامأشعاري حزينة ؟
علام الدمع في عيون القوافي
لنَا دهر ساكن حزن فينا
حزنالصخر في أسوار المرافئ ! 6
ويفصح شاعرنا عن بعض دواعي الأسى لديه فيقول
وجئت تنوح ... هنا كان لي مكتب ودواة ... ومر التتار ... وكان خلاء كظيم ! ألاهي يصفر من وحشة قصب الرغبات !
وتؤازر الشعراء مبدعة أخرى هي الأديبة غادةالسمان قائلة :
...
لا تسرق مني ألمي ،لا تعلمني كيف أخدره ، علمني كيف أكتبه ،كيف أحاصره وأقبض عليه وأسوقه محفورا في الكلمات والسطور !7 .
وإذا فلا غرابةإذا ما توهج الألم وظهر الحزن في هذه القصائد، فالشاعر أي شاعر تنتابه حالات غريبةمن الرفض ويعتريه ما لا يعتري الآخرين فهو أحيانا ثمل سكران ،متيقظ صاح أحيانا أخرى، لا مواقيت ثابتة لسكره وصحوه ! لا يرتاد خمارات المدينة ولا يتردد على حوانيتالضواحي ،فمن أين يجلب راحه إذا ؟ من أحلامه ومن روحه ينتشي! انتشاء الشاعر قد يكونفرح الأطفال بما فيه من هوج وانفلات ، وقد يكون الألم المتكلس في نفوس الشيوخ بمافيه من حسرة وعذاب . فلا تغتروا به طفلا ولا تنخدعوا له شيخا ! فهو عندما ينحو هذاالمنحى المفارق لما يزخر به الواقع من نفعية مادية ومجافاة لليقين الروحي وتصحر علىمستوى النزعة الإيمانية فإنه يمارس الاحتجاج على نزعة مادية قاحلة الروح في زمن يعجبأدعيائه الكثيرين ومتدينيه القلائل ويحاول خلق عالم مغاير يستند فيه إلى دخيلةنفسه وجوهره ، يبدو كأنه رفض للعادي والمألوف ومحاولة ولوج قصر الروح الخلد الصامت . وإذا فالنزعة الصوفية في الشعر العربي بما يعتريها من رنة حزن أحيانا ليست وليداليوم أو الأمس القريب ، لم تأت من فراغ وليست هي ترفا زائدا عن الاحتياج ، فمانلحظه من جنوح روحي ميتافيزيقي نشأ كردة فعل للعلمانية والمادية المعاصرة 8
غداخلع الشمس بردتها
أعجبتني هذه القصائد خضت بركا ساكنة في نفسي ! هي نوارس حركتفينا حنين السفر، غنت لنا مواويل الرحيل فانسابت قوافل الخواطر ترتاد بنا مضارب ابنالفارض والحلاج ورابعة العدوية فنتخمر ننتشي ، نرقص في حلقات العارفين نردد صرخاتالشهاوي :
ماء الحرير لي وفضة الجسد
وغيمة أنزلت ماءها في خيوط النعاس
قال قم فبحر قلبك واسع
وظلام نفسك جنة
وجحيمها جسد من الفردوس طاغ
ويجيب السياري :
كلانا انتضى القول جرحا وأغمد صوته حتى نزف
كلانا انتضىالقول ضلعا
فهيلت عليه المواويل
أجهر بالقول ثم انصرف
كلانا اصطفى القولخلا
وأدرك في القول أهلا
وشال من اللج نجما بكف
ويتجاذب التناغم بينالسياري و الشهاوي من جديد حيث تصير فضة الجسد لدى الأول فضة أخرى لدىالثاني
لها ما تبقى من مديح
فضة الحزن في مقلة شاردة
ويقتفي السياري خطىالشهاوي منطلقا في أجواء صوفية واضحة المعالم فنراه يقول :
سيهمي قارع الأجراسمزنا على شفتيها
ستعرج من هامتي مئذنة
ويصير الطين أغلى
وهنا يستبد بيالطرب وتحركني هذه الباخوسية الصوفية يتساقاها الشاعران فأقول للمبروك :
قم هنانصلي صلاة الشعر
فالمحراب ينتظر الإمام
في سر سر العشق رتل سورة
زار الصّفحة اليوم (زائر) 2 visiteurs
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement