موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية والنّقد - قراءات في رواية سرنديب -الجزء1
   
  موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية
  كلمة التّرحيب
  المجموعات القصصيّة
  الروايات
  الخواطر
  الاتصال
  المقالات
  => قراءات في رواية سرنديب -الجزء1
  => قراءة في رواية "سرنديب"- الجزء الثاني -
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءات في المجموعة القصصية أين جسدي
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءة في رواية "موسم التأنيث"
  => قول في التراث
  => خواطر حول الشعرالشعبي
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج1
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج2
  => خواطر حول أقصوصة أمل ج1
  => ج1 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ج2 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ملاحظات حول كتاب "الإبل"
  => على أيّ درب يكون الرحيل
  => قراءة لرواية (خدعة العصر)
  => قراءات حول مجموعة إضمامة نساء
  قرّاء وآراء
  المنتدى
  العدّاد
  مواقع ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة 2009@ بإشراف محمّد الهلالي

 

قراءة في رواية "سرنديب"
- الجزء الأوّل-
 
إذا كان البطل في كل رواية هو أول شخصية يبتدعها المؤلف يتخذها وسيطا يبلَغ عن طريقه ما يريد من أفكار أو أحداث، وهو أهم انجاز في الرواية، ونجاح الكاتب في اختياره يعطي العمل كثيرا من فرص القبول لدى القارئ إذا ما أخضعه إلى شيء من التحكم العقلاني المنظم الذي يفرض التمحيص والاختيار الذي يحتاجه كل عمل إبداعي فيكون ذلك العمل تصديا للحياة بنظام بليغ ومقنع، فإن بطل( سرنديب ) لا يفتقر إلى تلك المواصفات بالرغم من إثقال سيرته بكثير من الأحداث الهامشية مما جعل مأساوية حياته تغرق في التشتت وكثرة التفاصيل فقصة الحب التي عاشها ليست عادية وتعامله معها ينمّ على حب عميق وصادق ورغبة في كسر التابو هات والتمرد على التقاليد. والكتابات الجيدة عبر التاريخ كانت دائما تحديا لما تقتضيه لياقات العصر ونتوءا على سطح التناغم الاجتماعي وهتك للأستار وتسليط النور على الزوايا المظلمة والتصرفات الملتبسة . كما أن حالة الاغتراب التي عاشها والنهاية الأليمة المأساوية لحياته وما تلقاه من ضربات الزمن حيث يصرح أنه لم يفرح طوال خمسة وثلاثين عاما إلا مرة واحدة وكانت فرحة منقوصة ( ص 258 ) : فموت عويشة المبكر، والتي يصرح مسعود بأنه لم يذق سعادة حقيقية إلامعها-(أي حس مرهف وأي دفق حنان وأي أنوثة ) ، وزواج حبيبته كرها من غريمه قاروص الذي أصبح ضابطا في الجيش الإسرائيلي المغتصب لأرضنا المقدسة و الذي أنزل الهزيمة بالجيوش العربية ، وإخلاص( استير) ومحاولاتها المتكررة إحياء الماضي الجميل الذي عاشاه مدة من الزمن معا، وعجزه على فعل أي شيء من أجلها، وهروب عشيقته مع شاب آخر وموت ابنته الوحيدة ، كلها ضربات مؤلمة من القدر، رموز تنفتح على كثير من الدلالات،إذ تبدو حياة مسعود سلسلة من الخيبات والانكسارات الأليمة كما هي لأغلب شخوص الرواية أيضا حيث انتهى أغلبهم نهاية بائسة بين السجون والمنافي والاغترابوالموت سرا ! . وتصير سرنديب رواية النهايات الحزينة و الخيبات المتراكمة! تظل العلاقة بين الرجل والمرأة سببا هاما في ما نال أغلب الشخوص من عطوب وانكسارات! يبرز الزمن فيها فاعلا أساسيا عاصفا بكل الأحلام والطموحات والآمال، ويصير هو البطل الحقيقي الذي يوجَه الأحداث ويصنع النهايات و يقرَر المصائر ! بين الإبداع والتسجيل تتنزل هذه الرواية حتى وإن ظهر أن الهاجس التسجيلي هو الغالب على هذا العمل حيث يبدو في كثير من الأحيان سردا تاريخيا واقعيا يترسم نسق الحياة اليومية العادية ويحوي كما هائلا من الأخبار يتطرق إلى أغلب نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعيةوالسياسية وحتى الخاصة لبعض الشخصيات حيث تنتفي مظنة حصول دهشات أو مفاجآت أوالتباسات تستفز الفكر وتلهب خيال القارئ وتجعله ينسى واقعه ويندمج في أحداث متخيلة يحكم حبكتها المؤلف. وإذا كانت كل رواية لا بد لها من قصة حب في الغالب فإن الأستاذ ألعوني ابتدع قصة تكاد تكون غير عادية حيث وجدنا علاقة حبٍ ملتهبة بين شاب عربي مسلم وفتاة يهودية في ظرف تاريخي وتر العلاقة بين الشعبين، ليجعل منها رافعة يقيم عليها معمار روايته يشد بها القارئ إلى موضوعه ويجعله شريكا عن طريق التخيل في بناءالأحداث وتصور تطورها . هل نجح في ذلك ? لا أحد في اعتقادي يملك إجابة قطعية عن هذاالسؤال، وذلك شأن جل مسائل الفن، والرواية منه يشكل أخص! ما يهمّنا هو أن هذه القصة بدت لنا مقنعة على غرابتها ( في زمان ومكان الرواية) وصرنا نتعاطف مع الحبيبين يؤلمنا المصير البائس الذي انتهى إليه حبهما ويشدنا الإخلاص العجيب من طرف (استير ) وإنها لضراعة مؤلمة تزلزل الكيان تلك الصرخة التي تطلقها هذه المغدورة في حبها فيآخر الرواية حين تبرق لحبيبها القديم : " عزيزي مسعود، لم يبق لي أحد سواك ... هل ترضى بعجوز يهودية ?!" هكذا تتهاوى أحلام الشباب، يكشط الزمن عنها ألوانها الزاهية ويذهب بدفئها وتوهجها وعنفوانها لنراها في آخر المشهد عجوزا شمطاء يهودية !..
تتقاطع هذه الرواية مع عملين آخرين هما (إضمامة نساء ) لفتحي ليسير ،و ( الشاردة ) للمرحوم محمد الناصر بالطيب ، فالكتَاب الثلاثة من مدنين وأعمالهم اتخذتمن قبائل ورغمة موضوعا لها. تنطبق عليها من حيث دوافعها مقولة الروائي عبد الرحمان منيف التي صدرنا بها هذا الحديث إلماعا منَا إلى دواعي مؤلف سرنديب وما يتغيَاه منبوح بما في النفس من حنينٍ إلى ماض جميل ورغبة في إحيائه وتنوير أنفاقه ولسان حال هؤلاء المبدعين الثلاثة يقول : في الوقت الذي نحاول فيه إنارة العالم فإن بيتنا أولى بالتنوير .حيث جعلوا تاريخ وعادات وتقاليد ورغمة موضوعا وحيدا لأعمالهم تناولهكل واحد بطريقته فأسسوا لبناء ذاكرة جماعية وخططوا خرائط جديدة لكنز قديم يتهدده الضياع والتحريف ! حتى وإن كان لكل منهم تقنيته الخاصة في إقامة معماره واختيارزاوية الرؤية والطرق التي يسلكها للوصول إلى ما يريد . إلا أنهم يلتقون في هاجس تسجيل الأحداث والمواقف والعادات والتقاليد وكشف المستور والمسكوت عنه ...ونفض الغبار عن كثير من الملفات المنسية وتنقية الماضي من شوائب الخرافات والأوهام حيث صرنا نعرف هذا الماضي بطريقة أقرب إلى الحقيقة وأبعد عن الوهم والخداع .
زار الصّفحة اليوم (زائر) 2 visiteurs
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement