موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية والنّقد - خواطر حول الشعرالشعبي
   
  موقع سالم دمدوم للقصّة والرّواية
  كلمة التّرحيب
  المجموعات القصصيّة
  الروايات
  الخواطر
  الاتصال
  المقالات
  => قراءات في رواية سرنديب -الجزء1
  => قراءة في رواية "سرنديب"- الجزء الثاني -
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءات في المجموعة القصصية أين جسدي
  => قراءة في رواية أين جسدي
  => قراءة في رواية "موسم التأنيث"
  => قول في التراث
  => خواطر حول الشعرالشعبي
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج1
  => غدا تخلع الشمس بردتها ج2
  => خواطر حول أقصوصة أمل ج1
  => ج1 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ج2 دراسة نقديّة للمجموعة "الوطن لا يطير"
  => ملاحظات حول كتاب "الإبل"
  => على أيّ درب يكون الرحيل
  => قراءة لرواية (خدعة العصر)
  => قراءات حول مجموعة إضمامة نساء
  قرّاء وآراء
  المنتدى
  العدّاد
  مواقع ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة 2009@ بإشراف محمّد الهلالي
خواطر حول الشعرالشعبي


حين نفتح هذاالملف تنتصب أمامنا بإلحاح كبير قضية المصطلح والدلالات .
أيمكن القول {شعر شعبي؟} وهل الشعر الفصيح ليس شعبيا ؟أليس مبدعوه من صلب الشعب ؟وأغلبهم من الطبقاتالمتوسطة والكادحة ؟
ربما كان من الوجيه والمعقول أن نسمي قصائد وأزجالاتناقلتها الأجيال ولا يعرف لها مبدع شعرا شعبيا،أما حين يكون هذا الشعر معروف النسبوبعض مبدعيه ما زالوا على قيد الحياة فلماذا ننسبه إلى الشعب مع أن قائليه معاصرينلنا؟ فالمتعارف في مباحث الفلكلور و{الشعر الشعبي شعبة منه بالتأكيد} إن وصف شعبييطلق على ذلك النوع من التراث الذي وصل إلينا من أفواه الرواة بدون أن نعرف فيالغالب مبدعيه
وإذا كانت هذه التسمية غير وجيهة وتفتقر إلى الدقة فهل نميل إلىالتسمية الأخرى الشّائعة أيضا :{ الشعر الملحون } ؟
لو رجعنا إلى الجذر اللغوي "لحن "لوجدناه مشتملا على كثير من المفاهيم والدلالات صحيح أنه يشمل اللحن بمعنىتجاوز مقاييس الفصحى في الإعراب كأن ينصب الشاعر مرفوعا أو يرفع منصوبا . إلاّ أننانجد إلى جانب هذا المفهوم "المنبوذ لغويا" معاني أخرى ربما تؤدي العكس .فمنها مثلا: توضيح الحجة ،والتورية عن المعنى ،وحتى الفصاحة والمهارة في تبليغ المعنى المقصودإلى المتلقي .ولو حاولنا البحث بين هذه الدلالات لاختيار ما يناسب هذا النوع منالشعر لانبسطت أمامنا مجالات من الاختيار متعددة ،كان أغلبها حسب رأينا يناقضالمفهوم المتبادر من الملحون باعتباره خروجا عن قوانين اللغة العربية. مما يجعلنالا نستريح إلى هذه التسمية ذلك أن هذا الشعر موضوع حديثنا يحمل أغلب مواصفات الشعرالعربي الفصيح والجاهلي منه خاصة وكثير من قصائده الجيدة لها من الروعة والجزالة مايذكرنا بفحول شعراء الجاهلية بل ويتفوق عليهم أحيانا .وكثيرا ما كان الشاعر ألحنالناس حجة للدفاع عن قضيته فلا يستقيم وصف هذا الشعر بالملحون إلا من هذه الناحية!
وإذا كان الشعر العربي الفصيح يكاد ينعدم فيه النوع الملحمي الذي نجده عندالشعوب الأخرى فإن الشعر الشعبي قد اتخذ من فن الملحمة لونا وجد الرواج والقبول عندجمهوره فمازال المنشدون يرددون ملحمة عنترة أبي الفوارس وتغريبة بني هلال وهي ملاحميؤدي فيها الخيال والأسطورة دورا مهما في تصوير الوقائع والبطولات تشابه ملاحمالإغريق من بعض الوجوه
هكذا تظل قضية المصطلح قائمة وتبقى العلاقة بين الفصيحوالملحون قضية ملتبسة منذ ابن خلدون وحتى الباحث محمد الطاهر الطيفي الذي يعرفههكذا:
الكلام الموزون المقفى باللهجة العامية
حيث تواجهنا من جديد قضيةالمصطلح . فما هي العامية، وما هي حدودها الضابطة لها من نحو وصرف وبلاغة ومجاز؟
لدينا الآن تسميات متعددة :شعبي ،ملحون ،عامّي،نبطي (كما في الجزيرةالعربية.)حميني بدوي . كما نجد إن ابن خلدون في الباب الخامس من المقدمة والذييخصصه لذكر أشعار العرب وأهل الأمصار يتحدث عن أنواع من الشعر كانت موجودة في زمانهتكاد تكون لها مواصفات هذا الشعر موضوع حديثنا وتعرف في بلاد المغرب بالأصمعيات . أما في المشرق فتعرف بالشعر البدوي. كما إن الباحث الليبي لطفي عبد اللطيف يسميهالشعر غير المعرب والشعر الدارج
كما نجد له اسما آخر هو الزجل حيث يذكر صاحبالموسوعة العربية العالمية على الشبكة العنكبوتية إن الزجل فن من فنون الشعر العاميوهو في الاصطلاح يدل على شكل من أشكال النظم العربي أداته اللغوية هي إحدى اللهجاتالعربية الدارجة وأوزانه مشتقة أساسا من أوزان العروض العربي وإن تعرضت للتبديلاتوالتنويعات تواءم بها مع الأداء الصوتي
للهجات منظوماته ثم يقول في مكان آخر "والواقع أن هذه الأشكال غير المعربة ظلت على صلة وثيقة بالأشكال المعربة وتتبنىتقاليدها الفنية رغم فارق مستوى الأداء اللغوي بل إن لغته وإن كانت غير معربة فإنهاتقترب من الفصحى بقدر كبير " غير أن هذا الاسم لم يحظ بالذيوع والانتشار إلا فيأواخر القرن الرابع عشر هجريا على يد الكتاب والإعلاميين اللبنانيين حيث استعملوهليدل على كل ما نظم باللهجات اللبنانية المحلية .فشمل عندهم :العتابا والميجنا،والأيادي الأيادي والروزانا والموَال وجميع الأشكال الفلكلورية الأخرى وكل ماينظمه المثقفون باللغة العامية
ويبدو أنه من أهم أسباب الغموض والالتباس في هذاالمجال قضية النشأة فا لاختلاف حول هذه المسألة قائم منذ وقت طويل .فمن الباحثين منيرى إن هذا النوع نشأ عندما تولى السلطة في الأقطار العربية المتباعدة حكام منحدرينمن سلالات غير عربية لا يستعملون لغة معربة فصيحة وربما لا يفهمونها أيضا وكما هيطبائع الأشياء نحا الشعراء هذا المنحى من النظم مستعملين لغة يفهمها هؤلاء الحكاموالناس على دين ملوكهم لا محالة .(انظر الموسوعة العربية العالمية على الشبكةالعنكبوتية) وثمة من يرى إن هذا الشعر وطيد الصلة بالهلاليين جاء مع قبائل بنو رياحوسليم إثر انتقال الدولة الفاطمية إلى مصر . وثمة من يرى إنه تطور عن الزجلالأندلسي فيكون إضافة جديدة لتلك الحضارة العربية التي ازدهرت زمنا طويلا هناكوالتي كانت في هذا المجال على اتصال وثيق بالدولة العربية في المشرق وصل بلدنا تونسمع جموع المهاجرين الأندلسيين.
وإذا فشعرنا التونسي حسب هذا الرأي ذو مصدريناثنين :شرقي جاء مع الهلاليين، وأندلسي جاء مع الذين هاجروا من الأندلس و استوطنواشمال البلاد التونسية ربما يدعم هذا التوجه ما يلاحظ من اختلاف بسيط بين شعراءالجنوب و وشعراء الشمال ببلادنا حيث نعثر على بعض الاختلافات البسيطة في الأوزانوصياغة بعض التعابير.
ثمة وجهة نظر أخرى يبديها السيد :عبد المجيد بن جدوّمفادها إن الشعر الملحون له مظهران : مظهر عربي وآخر بربري . ثم يقول في العددالثاني من مجلة الفكر { نوفمبر1966 } : وهكذا نستطيع أن نجزم بأن الشعر الشعبي لميكن يوما شعرا ملحونا وليس بينه وبين شعر الهلاليين الذي أورده ابن خلدون فيالمقدمة أي شبه .
ويبدو أن قضية الأصول هذه مثارة بجدية في كثير من الأقطارالعربية ،ففي موريتانيا على سبيل المثال لا الحصر يثار هذا المبحث حيث يذكر الباحث :"محمد المختار ولد أباه" في كتابه (الشعر والشعراء في موريتانيا ) آخذا عن ابنخلدون ما يلي :.
"...
فإننا نقر بشيء من التحفظ ما يذكره النسابون من أن جدالبربر هو: بر بن قيس بن غيلان ،هجر عشيرته فشطت داره واستعجم لسانه فصارت أخته " تماضر" تندبه وتبكيه قائلة :
لتبكي كل باكية أخاها كما أبكي على بر بنقيس
تحمل من عشيرته فأمسى ودون لقائه أنضاء عيس ."
ثم يقول :" لكننا من ناحيةأخرى نعرف إن قبيلة اللمتونيين و إن كانت تذكر في عداد صنهاجة فإنها اشتهرت من قديمالزمان بانتسابها إلى حمير. ."
ويستشهد على ذلك ببيت من الشعر للنسابةالموريتاني { البدوي المجلسي } يقول فيه :
بيوسف القرم ابن تاشفينا الحميري ثممن لمتونا
ما يهمنا من هذا القول هو ما يذهب إليه من اعتبار إن أصول البربر هيأصول عربية وهي فكرة يعتمدها الشاعر عبد القادر الجزائري في قوله :
ولجنس بربرفي العروبة محتد ولكن بتقطيع الرقاب هيامه
لأنه لو صح ذلك لفتح لنا مجالات أخرىللبحث في تأصيل الشعر الشعبي وارتباطه الوثيق بالأصول العربية ولدعانا الأمر حتماإلى البحث في التاريخ العربي قبل الإسلام للتعرف على اللغات التي كانت متواجدة فيجهات الجزيرة العربية لأنه من المسلم به تاريخيا إن الفصحى التي نعرفها والتي دونتبها المعلقات ثم نزل بها القرآن الكريم كانت لغة قريش وحدها ،وكان ثمة قبائل أخرىكانت لها لغاتها الخاصة بها عربية هي الأخرى ولكنها اختلفت عن لغة قريش بعضالاختلافات التي نشأت فيها لاعتبارات جغرافية واجتماعية
وزاد لغة مضر تميزا عنبقية اللهجات وتمكنا لدى الخاصة نزول القرآن الكريم بها مما جعل علماء المسلمينيشبعونها بحثا ودرسا وتفصيلا وانشئوا لها علوم النحو والصرف والقراءات والمعاجمحفظا لها من الذوبان و حتى يتمكنوا منها تمكنا يستطيعون به فهم الكتاب المقدس ممايجعلهم قادرين على استخراج الأحكام وتفسير الآيات.
وهكذا ا صار لها من الحظوة ماميزها عن بقية اللهجات وصار ما عداها متروكا من الخاصة ولم توضع له الضوابط لحمايته .
حين نقول" لغات أخرى" إنما نعني لهجات في العربية نفسها ،كانت موجودة عند بقيةالعرب في أنحاء من الجزيرة العربية ولكنها تميزت ببعض السمات الخاصة بها. فهي عمومامتحدة الأصول مختلفة الفروع كإبدال بعض الحروف ببعضها مثل قولهم :"الخباع" عوض" الخباء"
حيث أبدلت الهمزة عينا. ا و قولهم : "أما ن" عوضا عن " عمان " أو تقديمبعض أحرف الكلمة كقولهم صاقعة وهم يريدون صاعقة أو اختلافات في الإعراب كنصب خبرليس مطلقا عند الحجازيين ورفعه عند تميم كما نجد في لغة ربيعة ومضر طريقة في الخطابتذكرنا بلغة أهل شمال أفريقيا إذ يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينا فيقولون :"رأيتكش "ومررت بكش " وهم يريدون (رأيتك ) و( مررت بك) حيث يظهر إن هذه( الشين )صار لها وظيفة جديدة هي وظيفة الاستفهام في لغتنا التونسية فأصبحنا نقول : كليتش ،شربتش ،لعبتش،الخ ...ونحن نعني : هل أكلت ، هل شربت ، هل لعبت ، الخ ... كما يجعلونبعد الكاف أو مكانها سينا . وفي لغة هذيل يجعلون الحاء المهملة عينا . أما قضاعةفيجعلون الباء المشددة جيما فيقولون في تميمي " تميمج " كما كان الاستبطاء لغة سعدبن بكر وهذيل والازد وقيس والأنصار حيث يجعلون العين الساكنة نونا إذا جاورت الطاءفيقولون "أنطى " في "أعطى وألوتم في لغة اليمن يجعل الكاف شينا مطلقا " لبيش اللهملبيش "عوض لبيك اللهم لبيك " .ومن العرب من يجعل الكاف جيما فيقولن " الجعبة " عوضاعن الكعبة " الخ... ولو تتبعنا لغتنا اليومية المضمنة في مدونة الشعر الشعبي لوجدناأنها لا تخرج عن كونها بقايا لهذه اللهجات العربية التي كانت متواجدة بين القبائلالعربية استوطنت بلادنا اثر الزحف الهلالي
وحين نتأمل هذا الشعر موضوع حديثنانجد أغلب هذه الصفات كالقلب والإبدال وغيرها متواجدة فيه كقلب الحاء خاءا فيقولون :نوخي عوضا عن نوحي كما نجد بينهم من يبدل ميم الجمع في آخر الفعل نونا. وهي كلهالهجات عربية كانت تستعملها _ولعلها مازالت _بعض القبائل في شبه الجزيرة العربية كماأشرنا إلى ذلك قبل قليل ..
وهكذا يتضح من خلال ما ذكرناه إن هذا اللون من الشعرعربي الأصل مهما اختلفت فروعه ومهما كانت أسباب نشأته وهو متأصل في بيئته متجذر فينفوس أمته وأوطانه يستحضر موروثها ويحافظ عليه ،ويشتبك مع أوجاعها ويعبر عنهاويحتضن أحلامها وتطلعاتها إلى المستقبل ويتغنى بها ،يمثلها أحسن تمثيل حاملا نفسالاختلافات التي تجدها بين قطر وقطر على امتداد الوطن العربي الكبير...
وبما أنظروفا سياسية وأحداثا عظيمة جعلت من الشعب الواحد شعوبا كذلك جعلت من هذا الشعرأنواعا.ولعله في ذلك ما يجعلنا نقبل وصفه بالشعبي رغم المآخذ التي ألمحنا إليها فيبداية هذه الخواطر .
بنقر دان في 17/ 1/2008
سالم دمدوم

 
------------------------------
1
غسانمرتضي آخذ عن فلادبميربروب مجلة نوافذ العدد18
2
الشعر الشعبي التونسي تأليفمحمد الطاهر الطيفي.المغاربية للطباعة والنشر 2004 ص4
3
المقدمة ص 645طبعة دارالجيل بيروت
4
انظر مقدمة ديوان :أبصر كيف .مجلس الثقافة العام ص 7
5
محمدالمختار ولد أباه:الشعر والشعراء في موريتانيا ص6
6
تاريخ الأدب العربي :حناالفاخوري ط 12 ،1987 ص 23
7
تاج العروس : انظر المقدمات

زار الصّفحة اليوم (زائر) 2 visiteurs
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement